ردة فعل المجتمع العلمي

طرح مقال مارغوليس فرضيتها كاملةً -- متى حصلت كل حادثة تعايش داخلي تاريخيا -- وكل الأدلة المختلفة المتعلقة بكل الأنواع المختلفة للعضيّات organelles. أرسلت مقالها لأكثر من اِثْنَا عَشَر مجلة علمية ولكن رُفض المقال من جميعها -- ليس لأنهم اعتقدوا أنها مادة علمية منخفضة الجودة، ولكن لأنه لم يتماشى مع أيٍّ من المجالات التي تغطيها هذه المجلاَّت عادةً. ناقش مقال مارغوليس المستحاثات، والجيولوجيا، والجينات، والكيمياء العضوية، وكل الكائنات الحية التي في شجرة الحياة. أخيرًا، قبلت مجلة البيولوجيا النظرية التي تغطي عددًا من التخصصات نشر هذا المقال في عام 1967 تحت اسم لين ساجان Lynn Sagan لأن مارغوليس كانت متزوجة بـالعالم كارل ساجان في ذلك الوقت.

إذًا هل كانت حجج مارغوليس كافية لإقناع زملائها؟ نعم -- و لا! أشعلت ورقتها الأهمام فورًا وفازت بجائزة أفضل منشور في الكلية للسنة في جامعة بوستون، حيث درست مارغوليس. احتاج العديد من زملاء مارغوليس العاملين في مجال الجينات والبيلوجيا الميكروبية إلى القليل من الأدلة ليقتنعوا بالفكرة. بعض البيولوجيين الآخرين تغيّر رأيهم بفضل كل الأنواع المختلفة للأدلة التي جمعتها مارغوليس. ولكن الكثير من الباحثين في مجالات أخرى بَدُوا مرتبكين حيال فكرة أن بُنى خلوية مهمة مثل الميتوكندريا يمكن أن تتطور بالتعايش الداخلي. بعض الناقدين جادلوا أنه بإمكانهم أن يفكروا في سيناريوهات أخرى يمكن من خلالها تفسير كيفية تطور حقيقيات النوى (الخلايا التي تحتوي ميتوكندريا) بخطوات بطيئة بالتدريج، وتولد نفس تنبؤات فرضية التعايش الداخلي في نفس الوقت.

على سبيل المثال، أحد أنواع الأدلة له علاقة بشكل الحمض النووي (الدنا) في الميتوكندريا. دنا الميتوكندريا يُشكل حلقة، مثل ما يفعل دنا البكتيريا. لكن دنا النواة عكس ذلك، فهو متجمع في جدائل خطية. بعض العلماء عللوا أن هذا يشير إلى أن الميتوكندريا أقرب للبيكتيريا من قربها للخلية التي تحتويها ونظروا إلى هذا كدليل يدعم فرضية مارغوليس. ولكن النُقَّاد فسروا هذا الدليل بشكل آخر. اعتمادا على المعلومة أن الحمض النووي الحَلَقي كان أول أنواع الأحماض النووية التي تواجدت، اعتقدوا أن دنا البيكتيريا و دنا الميتوكندريا تطورا من هذا الحمض النووي الحلقي البدائي، ولكن في مسارين مختلفين. بمعنى آخر، اعتقدوا أن دنا البكتيريا و دنا الميتوكندريا يتشابهان في الشكل، ليس لأنه بينهما صلة قرابة وثيقة، ولكن لأن ولا واحد منهما تطور بعيدًا عن الشكل الأصلي للحمض النووي.

ربما لا يبدو ذلك كتفسير جيد بالمقارنة مع فرضية مارغوليس، ولكن في بعض الأحيان، يكون العلم مثل قاعة المحكمة -- عبء الإثبات في العادة يكون على الشخص الذي يدعي شيئا جديدا. لذا كان على مارغوليس عبء أن تقنع المتشككين أنها كانت على حق. كانت مارغوليس داهية (ذكية) بما يكفي لتدرك أن إقناع العلماء الآخرين بأن يأخذوا فرضيتها بجدية سيتطلب أكثر من ورقة علمية واحدة. كان عليها أن تتغلب على مقاومة المجتمع العلمي للأفكار غير المألوفة لهم والتي لا تتفق تماما مع النظرية التطورية كما تواجدت حين ذاك. لاجل ذلك، مددت حجتها إلى كتاب كامل والذي قوبِل بالرفض في البداية من الناشر لكن تم نشره في سنة 1970. شكل الكتاب سمح لها بأن تصل إلى جمهور أكبر من تخصصات متعددة، والتوسع في حججها، وعرض حجج مضادة لبعض نقّادها. مع أن الكتاب أقنع الكثير من العلماء أن يأخذوا فرضية التعايش الداخلي على محمل الجد، لم تقنعهم. في العلم science، الأدلة هي الحاكم، الأفكار تعيش وتموت بالأدلة التي تدعمها أو تدحضها -- ومعظم العلماء ببساطة أرادوا أدلة أقوى قبل أن يقبلوا الفكرة الجديدة.

No comments:

Post a Comment